رغم الارتفاع القياسي.. المصريون يُقبلون على شراء الذهب بحثاً عن الأمان وسط تقلبات السوق
شهدت السوق المصرية موجة شراء قوية للذهب خلال الأسابيع القليلة الماضية، رغم الارتفاعات القياسية في الأسعار، في مؤشر واضح على تزايد ثقة العملاء والمستثمرين في المعدن الأصفر كملاذ آمن، وسط تقلبات الاقتصاد العالمي وتراجع عوائد الشهادات البنكية محلياً بعد خفض الفائدة، إلى جانب تباطؤ الطلب على العقارات.
وأظهرت بيانات منصة “آي صاغة” المصرية لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت أن أسعار الذهب في مصر قفزت بنسبة 54.3% منذ بداية العام الحالي، إذ ارتفع سعر غرام الذهب عيار 21 من 3745 جنيهاً في يناير الماضي إلى ما يتجاوز 5800 جنيهاً حالياً.
ورصدت جولة ميدانية لـ”العربية Business” في عدد من محلات الذهب والمجوهرات بمنطقة الصاغة في وسط وشرق القاهرة إقبالاً متزايداً على شراء السبائك والجنيهات الذهبية خلال الأسابيع الماضية، رغم ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة.
وأوضح عصام مصطفى، موظف بشركة الجوهرة، أن الإقبال الكبير على السبائك يعود إلى رغبة المشترين في تجنب تكلفة المصنعية المرتفعة للمشغولات الذهبية، مضيفاً أن ارتفاع الأسعار دفع كثيرين إلى تفضيل السبائك على الحليّ.
وأكد رفيق إبراهيم، صاحب محل مجوهرات بمنطقة الصاغة، أن ثقة العملاء في الذهب تبقى راسخة مهما ارتفعت الأسعار، قائلاً: “الذهب أثبت على مدار أكثر من 20 عاماً أنه أفضل وسيلة لحفظ القيمة وتحقيق المكاسب، خصوصاً مع خفض الفائدة البنكية وصعوبة الاستثمار في العقارات حالياً.”
وأشار يوسف أحمد، أحد تجار الذهب بالمنطقة، إلى أن المكاسب الكبيرة التي حققها المعدن الأصفر منذ بداية العام جعلته في مقدمة الملاذات الآمنة، موضحاً أن “معظم المشترين لديهم قناعة بأن الذهب ما زال أمامه فرصة لتحقيق مكاسب إضافية رغم الارتفاع الحالي.”
وقال رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، هاني ميلاد، إن السوق المصرية تشهد حالياً انتعاشة واضحة في الطلب على الذهب، متوقعاً استمرار هذه الموجة حتى الربع الأول من عام 2026، تزامناً مع انتهاء آجال الشهادات البنكية ذات العائد المرتفع (27%) منتصف أبريل المقبل.
وأوضح ميلاد أن مشتريات المصريين من الذهب ستشهد زيادة قوية خلال الفترة المتبقية من العام، ما سيعوض التراجع الذي شهده النصف الأول بنسبة 17%، لتقترب إجمالي المشتريات من نحو 50 طناً بنهاية 2025.
وتوقّع ميلاد وصول سعر غرام الذهب عيار 21 إلى نحو 6500 جنيه خلال الربع الأول من 2026، بالتوازي مع توقعات بارتفاع الأونصة عالمياً إلى ما بين 4500 و4900 دولار.
وكشف المدير التنفيذي لمنصة “آي صاغة”، سعيد إمبابي، أن العلاقة بين السعر والطلب في سوق الذهب ليست ثابتة، إذ تؤدي الارتفاعات الكبيرة أحياناً إلى جذب شرائح جديدة من المشترين بدافع الاستثمار أو الخوف من زيادات أكبر، رغم تباطؤ مؤقت لدى فئات أخرى.
وأشار إمبابي إلى أن السوق باتت منقسمة بين مستثمرين يسعون لتعظيم المكاسب، ومستهلكين ينتظرون استقرار الأسعار، مؤكداً أن “الطلب لا يتوقف أبداً، لكنه يتغير في طبيعته ونوعية المشترين.”
وعالمياً، رفع بنك “غولدمان ساكس” توقعاته لسعر الذهب إلى 4900 دولار للأونصة بنهاية 2026، فيما توقّع “بنك أوف أميركا” وصوله إلى 5000 دولار، ما يعكس تحولاً واضحاً نحو نظرة أكثر تفاؤلاً للمعدن النفيس خلال الفترة المقبلة.
Share this content: